بعد أن استنفدت جماعة العدل والإحسان مقاربتها التضليلية للرأي العام الوطني والدولي حول ما وقع بمدينة تازة الأسبوع المنصرم، وبعدما ارتدت محاولات بعض المنابر التي راهنت على انطلاق شرارة الثورة الموعودة من مدينة تازة، ها هو حزب الاشتراكي الموحد، آخر فلول الاشتراكية البائدة، يحاول بدوره الركوب على أحداث تازة-ولو بشكل متأخر- بذريعة ملامسة هموم المواطنين والإصغاء إلى مطالبهم الاجتماعية.
مرد هذا الحديث هو الزيارة الخاطفة التي قامت بها الأمينة العامة للاشتراكي الموحد، نبيلة منيب، مرفوقة بعلي أنوزلا مدير موقع "لكم" إلى مدينة تازة، زوال يوم الاثنين من الساعة الثالثة إلى حدود الخامسة زوالا، وهي الزيارة التي تلقّفها المواطنون بصفارات الاستهجان مما جعلها زيارة خفيفة لم تناهز ساعتين ولم تتعد الاتصال سوى بشخصين فقط، حيث زار المعنيان منزل عائلة أحد معتقلي أعمال الشغب التي عرفتها المدينة في 4 يناير المنصرم، ومنزل السيدة التي ظهرت في أشرطة فيديو بعد أن تم استئجارها للزعم بأنها ضحية مداهمة القوات العمومية لمنزلها.
توقيت هذه الزيارة يصدح بأن غرضها هو تأجيج الوضع الاجتماعي بهذه المدينة، والمتاجرة بمعاناة المواطنين، إذ كيف يمكن تفسير زيارة لأمينة عامة لحزب لم يشارك في الانتخابات وقاطع الدستور ورصيده الشعبي لا يتعدى أعضاء أمانته العامة إلى مدينة ما زال الوضع بها لم يلتئم بعد، خاصة بعد أن تاجرت العدل والإحسان بمطالبها الاجتماعية وألبستها طابعا سياسيا.
كما لا بد من التساؤل حول جدوى الزيارة بعد صدور بلاغ للحكومة يفيد بأن الوضع عاد إلى نصابه، وأن السلطة التنفيذية عازمة على دراسة وتلبية الشق المشروع من مطالب ساكنة تازة.
لحسن الحظ بالنسبة للمغاربة، ومن سوء تقدير نبيلة منيب، أن سكان تازة واعون بأن مطالبهم اجتماعية لا تتعدى غلاء المعيشة والمطالبة بتطوير الخدمات الطبية والتعليمية، وهو ما دفعهم إلى رفض هذه الزيارة التي تنخرط في سياق تأليب بسطاء هذا الشعب على النظام العام، ودفعهم دفعا إلى أثون المواجهة مع القوات العمومية، مدركين أن حزبا لم يجد له موطئ قدم في السياسة لا يمكن أن يجد مكانا للعمل الاجتماعي والتوعوي.
مشكل حزب الاشتراكي الموحد أنه فقد بوصلة السياسة، فمرة تحالف مع العدل والإحسان في إطار حركة 20 فبراير مما أفرز مولودا هجينا عنوانه الأبرز "تحالف المنجل والعمامة"، ومرة بات يتناقض مع ذاته، فبعد رفضه المشاركة في الاستحقاقات النيابية السابقة ها هو يلوح بمشاركته في الانتخابات البلدية القادمة ! فكيف لحزب يعيش ضبابية مطبقة أن يدعي زيارة ساكنة تازة؟ اللهم إلا إذا كانت زيارة تأجيج للوضع، زيارة لتأليب الناس على الأمن العام، وزيارة لنفث سموم التفرقة والعداء لكل ما هو دولتي.