باختصار شديد ومن الآخر .. بلغ سيل الاعتصامات والإضرابات ذروة مؤذية لم يعد يصلح معها مجال للسكوت، أو الرضا!.إنها الفوضى في أبشع مظاهرها.
الذين أدمنوا الإضراب والاعتصام فهموا قصة الربيع العربي بشكل خاطىء، وانتهازي، خصوصا وأن هؤلاء لا يتحركون إلا لمطلب فئوي أو مطلب خاص بمجموعة معينة من الناس، الربيع العربي لم يكن أصلا من أجل زيادة الراتب ، أو استحداث وظائف لأناس معينين ينضمون تلقائيا لجيش من أصحاب البطالة المقنعة، ولم يكن الربيع أيضا من أجل إعفاء طبي، أو منفعة صغيرة هنا أو هناك، الربيع العربي كان من أجل الحرية والكرامة الإنسانية، وتحقيق مكاسب وطنية كبرى كالفصل بين السلطات واجتثاث الفساد ووضع حد لتغول جهة على أخرى، وإعادة كتابة عقد اجتماعي يعيد ترسيم الحدود بين قوى المجتمع كافة ومكوناته المختلفة، أما أن نرى كل يوم اعتصاما أو إضرابا لهذه الفئة من الموظفين أو العمال، لتحقيق هذا المطلب أو ذاك، فهذا أمر غير محتمل، ولا يحقق إلا حالة مزرية من الفوضى، وحتى لو قيل أن هناك مطالب مشروعة للمضربين يريدون إيصالها للحكومة أو لغيرها من الجهات، فسنقول أن الرسالة واصلة أصلا، ولكن لا الحكومة ولا غيرها بقادرة على تحقيق كل المطالب وحتى لو أرادت فهي مكبلة اليدين بمليون قيد أقلها عدم وجود المال والظروف المناسبة لتلبية كل المطالب، وهي مطالب توالدت بشكل أرنبي مريع، حيث الكل يطالب بوجه حق وبغير وجه حق، حتى صرنا نشعر أن هذا الوطن منسف والكل يريد أن يأكل منه بقدر ما تصل يداه!.
لست ضد الديمقراطية، ولا حق الناس في التعبير عن رأيهم، ولست ممن يفكرون تفكيرا عرفيا أو سلطويا، ولكنني والله أصبحت أشعر بالغثيان كلما قرأت خبر اعتصام أو إضراب، بالله عليكم كيف ستمضي بنا حياتنا إذا تحولت إلى إضرابات واعتصامات؟.
سيقال هنا أنها الطريقة الوحيدة للتعبير "المؤثر" بعد أن انكمش دور المجلس النيابي، وانشغل بلجان التحقيق المتكاثرة كالفطر، ونقول.. باختصار شديد: مطالبكم كثرت، وتكاثرت، واختلط الحق بالباطل فأجملوا في الطلب، وحتى تُطاع اطلب المستطاع!.وأما أن يرفع شعار مصلحتي وبعدي الطوفان،أو علي وعلى أعدائي،فدلك ما سيحول الربيع إلى خريف قاحل.
نعم للحرية،التي ضحى من أجلها فئات واسعة من مختلف شرائح الوطن.
نعم للكرامة والتي لا تعني الصراخ و الاحتجاج وإحراق الدات.
نعم لحرية التعبير ولكل المطالب الموضوعية،والممكنة.
نعم لكل المبادرات التي من شأنها تنزيل الدستور،وتخليق الحياة العامة،وخلق الفرص،وإبداع الفرص.وأما غير دلك فهو مجرد ثغاء،تحسبه الاكباش زئيرا،كزئير الأسود خلال إقصائيات إفريقيا- CAN-
م-إ-س