فجر قيادي بارز في حركة النهضة الإسلامية حالة من التشنج والذهول داخل المجلس التأسيسي حين دعا إلى تطبيق الشريعة في المجتمع التونسي وإقامة الحد على كل من يساهم في حركات الاحتجاج والاعتصام التي تجتاح البلاد للأسبوع الثاني على التوالي.
وطالب الصادق شورو الرئيس الأسبق لحركة النهضة الذي يعد أحد صقورها الأكثر تشددا بتطبيق الشريعة وإقامة الحد على من سماهم بـ "أعداء الثورة الذين يريدون الالتفاف على أهدافها".
واستشهد شورو في مداخلته خلال أشغال المجلس التأسيسي بالآية الكريمة 33 من سورة المائدة" إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم".
وقد أثار استشهاد شورو بهذه الآية لتقديم رأيه حول طريقة التعاطي مع حركات الاحتجاج سخطا لدى الأوساط السياسية والشعبية التي رأت فيها دعوة لسفك دماء المحرومين الذين لا تعدو مطالبهم المشروعة أن تكون سوى توفير مقومات العيش الكريم.
وقال السياسي عبد العزيز المزوغي في مقال مطول نشره بصحيفة "المغرب" رد فيه على شورو انه "من الغرابة بمكان أن يتفوه بهذا الكلام من انتخبه الشعب لوضع الدستور وللتمهيد لحياة ديمقراطية تقطع نهائيا مع أساليب القمع وضرب الأعناق مهما كان مأتاه".
وأضاف "في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة للبرهنة بصعوبة على أنها حكومة مدنية تعمل لفائدة الصالح العام وفي الوقت الذي يسعى فيه السيد حمادي الجبالي الذي استكمل رصيده من "الطلعات" قبل توليه رئاسة الحكومة ووضع السقف عاليا بإشاراته الربانية وخلافته السادسة إلى تلميع صورته وتمليس زوايا شخصيته والظهور بمظهر رجل الدولة المتفتح، تأتي تصريحات شورور لتقوض ما تبنيه الحكومة بصعوبة".
وكشفت مطالبة الصادق شورو بتطبيق حد الشريعة على المتظاهرين عن الوجه الآخر لحركة النهضة التي صعدت منذ أيام من حدة خطابها وهددت باللجوء إلى استعمال القوة لوقف حركات الاحتجاج.
فقد هدد وزير الداخلية علي العريض عضو المكتب السياسي للنهضة بـ "فرض احترام وتطبيق لقانون" في إشارة واضحة إلى اللجوء إلى قوات الأمن لوقف الاحتجاجات وفك الإعتصامات.
وتابع العريض "نحن نقول الشعب والجيش والأمن وكل المواطنين هم حماة الدولة وأهداف الثورة، والبقية إما أن ينضبطوا أو ينعزلوا".
وبحسب إحصائيات الحكومة بلغ عدد الاحتجاجات والإعتصامات حوالي 18 ألف اعتصام تسببت في خسائر بـنحو 2.500 مليار دينار(1.724 مليار دولار).
من جهته قال الإعلامي والكاتب الهاشمي الطرودي إن حركة النهضة والحكومة متواطئين مع المجموعات السلفية التي تنامى تهديدها للحريات العامة والفردية خلال الأشهر الأخيرة.
وبرأي الطرودي "هناك تقارب وتطابق في مواقف النهضة والسلفيين حول الأصل، بل تذهب النهضة إلى أبعد من ذلك عندما تنزل ممارسات السلفيين ضمن المعركة الإيديولوجية وهو ما يعني أن هناك توزيعا للأدوار ليس إلا".
ويقول المحللون السياسيون والمختصون في الجماعات الإسلامية إن المجموعات السلفية التونسية استفادت من "نسمة الحرية" التي هبت مع ثورة 14 يناير/ كانون الثاني 2011 لتطلق العنان لممارسة العنف من خلال مهاجمة الحانات وقاعات السنما والاستيلاء على حوالي 400 منبر من منابر المساجد وتهديد النساء لفرض ارتداء النقاب.
كما يؤكد المحللون أن المجموعات السلفية استفادت من صمت حركة النهضة التي لم تتخذ حكومتها أي موقف بخصوص اقتحام السلفيين من غير الطلبة عديد المؤسسات الجامعية ليفرضوا على الإدارة السماح للمنقبات بالدراسة.