بقلم: محمد الغازي*
ببيان مرفوع إلى من يهمه الأمر وليس لحزب ما او حركة ما خرجت إلينا جماعة الخرافة مرة أخرى وكعادتها لتكيل لكل من يخالفها الرأي أو ( العقيدة ) وابلا من الأحكام الجاهزة منذ أن كان قائد ديموقراطيتها عاكفا رفقة مشايخه في الحوزة المعلومة على وضع الإطارالقانوني ( الشرعي ) لكتابه الأخضر الذي يعتبر نبراس عسكر خرافته تربية وتنظيما وزحفا.
وخرجات هاته الأيام جاءت بعد نفاذ مخزون بطارياتهم المشحونة بتعاليم لم ولن تجد لها صدا في الساحة الدعوية أو السياسية المغربية لسبب وحيد هو أن فصول هاته المسرحية أكل عليها الدهر وشرب وأصبحوا يغردون خارج السرب ويهولون ويهللون ويترصدون بكلام استورده أمير كتيبتهم بين دفتي
كتاب سماه منهاجا وتمادى مجموعة من دراويشهم في مشاهدته في أحلامهم ووصفوه من خلالها بأنه أصح كتاب بعد القرآن الكريم والعياد بالله .
جماعة الخرافة تستفيد كثيرا من الخرجات الإعلامية على حد تعبير أبواقها في معظم اجتماعاتهم على اعتبار أن النقاشات التي تدور بعد كل شطحة إعلامية يوهم الآخرين على أنها لا زالت تشكل ذاك الرقم الصعب في المعادلة السياسية الذي لا يمكن تجاوزه ، لكن للأسف يتجاهلون أن المغاربة يتقنون جيدا كيفية
فك طلاسيم من يريد الإستخفاف بهم.
المهم أنه من خلال قراءة البيان المورخ في 8 يناير 2012 والصادر عن المجلس الأعلى العام إلى من يهمه الأمر وخصوصا المغاربة الشرفاء الذين قالوا كلمتهم الفصل يوم 25/11/2011 وقبلها يوم
01/07/2011 وتجد بأن هذا البيان يتضمن سبا وقذفا طال كل من سولت له نفسه إدارة ظهره لخزعبلات جماعة الخرافة في الوصول إلى قومتها المزعومة ، والطريق كان سالكا أمامها بل إنهم بدؤوا حينها يهللون بالنصر عبر بوابتهم التي كانت تذيع بيانات على رأس كل ساعة كمراسل من قلب ساحة الوغى.
إذا لم يكن الأمر كذلك فكيف تفسرون لي هذا المقطع " فشتان شتان بين شعوب انتفضت شبابا وشابات ورجالا ونساء، وصبرت وصابرت ورابطت في الميادين إلى أن أسقطت أنظمة كان يستحيل على
الكثيرين مجرد تخيل زعزعتها ، وبين بلد لم يستطع حكامه – وجزء لا يستهان به من طبقته السياسية والحزبية مع الأسف – إدراك عمق وحجم التحولات التي تفرضها الأمة اليوم على العالم أجمع، ولم يستطيعوا التخلص مما دأبوا عليه لعقود من المناورة والخداع والمكر مما لا يفيد اليوم على الإطلاق "
أليس هذا كلام فيه سب وقذف في كبرياء ووطنية جميع المغاربة، أليس هذا الكلام يدخل في خانة إما أنا أو لا أحد، لكن هذا ليس بجديد على ديموقراطية البهتان.
نجد كذلك بين طيات بيان المجلس الأعلى لعسكر الخرافة وعيدا مبطنا بتهديد في إطار ما يعرف في أدبيات حضرتهم " ومانيل السلطة بالتمني ولكن تؤخذ غصبا غلابا " وهذا ا المفهوم وارد بشكل صريح في هذا المقتطف " إنكم لا تريدون – كما لا نريد – أن تهدر دماء هذا الشعب الحبيب ، ولكننا في المقابل نأبى بقوة أن تهدر كرامته وأن يحيى حياة الذل والخنوع إلى الأبد ".
فبا لله عليكم من خول لهؤلاء التكلم باسم الشعب ، فهل هم ممثلوه ؟ أم هي سكرات الهزيمة لا زالت تغشي أبصارهم.
أما النقطة التي خلطت الزئبق بالماء! فهي العبارات الملغومة والتي تحمل بين طياتها حقدا دفينا للعمل السياسي في إطار شرعي ولكل من اقتحم هذا الميدان للمساعدة في الرقي به طبق منظومة دستورية جديدة تلاحظ أنهم يؤكدون على أنه، " في الوقت الذي ذهب فيه التونسيون والمصريون إلى أبعد ما تيسر لهم
(…) نجد عكس ذلك عندنا فعوض استغلال هاته الفرصة ، وبدل الصدق مع الله ومع الشعب ، كان الإلتفاف، ودخلنا في اللعبة القديمة الجديدة لنصل إلى دستور غامض جدا ومفتوح على كل التأويلات، بل سيفتح على أخطر التأويلات يوم يشعر الإستبداد – كما يتوهم – أن العاصفة مرت وأن محنته معها انتهت
إذن يجب أو لا على جمهور جماعة الخرافة أن يتسموا ولو لمرة واحدة بالشفافية والوضوح والجرأة الأدبية لشرح مفهوم الإستبداد الوارد بحمولات ذات رؤوس نووية في أكثر من عشر مواقع في هذا البيان هل المقصود به المنظومة الديمقراطية برمتها ؟ أم المقصود به جهة معنية رفضت الخضوع للإبتزاز
السياسي الذي تمارسه هاته الجماعة على الشعب المغربي ؟ أم هناك أمور أخرى تمليها أجندات خارجية معلومة ؟
وأجزم أنه لا عاجلا ولا آجلا يمكن لأقوام تجدر في قياداتهم جنون العظمة والإيمان المطلق أن الجاه والسلطة خلقت لهم وليس لغيرهم أن يغامروا برصيد لم يعد يؤمن به إلا مريديهم الدراويش ، أما من لازال ينبض قلبه بقليل من عزة نفس وأنفة المغاربة الأحرار فلا زالوا يكابدون وسطهم لتقويم الإعوجاج الخطير في المقاصد قبل المفاسد وقد خرجت أخبارهم للعلن ونتمنى لهم التوفيق في مسعاهم.
فهذا البيان ليس جوابا على مطالبة للعمل في إطار شرعي من داخل المؤسسات وإنما هو جواب برفض من يخالفهم إلى الأبد وهو تأكيد لما ورد ببيانهم عقب انسحابهم من حركة 20 فبراير بعد الخسائر التي منيت بها كتائبهم بفعل فطنة وذكاء المغاربة وذلك عندما نعتوا في هذا البيان من يعمل في إطار
المشروعية بأنه " يجسد الإسلام المخزني الذي يضفي المشروعية على الإستبداد." ،على اعتبار أن الإسلام لا ينبع إلا من أبواب مساكنهم عفوا فيلات قيادهم وأن الإسلام السياسي الحقيقي لا يمكن أن تجده سوى بين دفتي منهاج أمير نبوئتهم ، فهذه هي الديمقراطية الحقيقية كما يتغنى بها فلول الحوزة المحضية.
* إطار سابق بالعدل والإحسان ومحامي بهيئة فاس